• التفاؤل يهيمن على أسواق النفط .. ارتفاعات متوقعة مع نشاط ملحوظ لصناديق التحوط

    13/11/2019

    ​رغم التحديات والمصاعب الجمة في السوق النفطية، إلا أن هناك آفاقا إيجابية متفائلة تلوح في القطاع، بفضل نشاط صناديق التحوط، حيث يبدو أنها تراهن على أن النفط لديه مجال للارتفاع، بحسب ما أكده مختصون ومحللون.
    يأتي ذلك في وقت مالت فيه أسعار النفط الخام إلى الارتفاع بفعل التفاؤل بقرب الإعلان عن تقدم في مفاوضات التجارة بين الولايات المتحدة والصين ما يهدئ القلق في السوق من مخاوف الركود والتباطؤ العالمي.
    تتطلع السوق إلى قرارات مؤثرة للمنتجين في "أوبك" وخارجها خلال اجتماعهم المرتقب في كانون الأول (ديسمبر) المقبل لمراجعة اتفاق خفض الإنتاج وسط تصاعد في التوقعات بشأن احتمال تعميق تخفيضات الإنتاج لامتصاص وفرة واسعة في الإمدادات في العام المقبل.
    قال لـ"الاقتصادية"، مختصون ومحللون نفطيون، "إن الحرب التجارية تفرض سطوتها بقوة على أسواق النفط الخام وأصبحت هي الصوت الأعلى والأكثر تأثيرا رغم وجود ضغوط أخرى من العوامل الجيوسياسية خاصة ما يتعلق بالهجمات على المنشآت النفطية مثل حادث 14 أيلول (سبتمبر) الذي كانت له تداعيات واسعة على السوق لولا سرعة احتوائه من الجانب السعودي".
    ذكر المحللون أن الانظار تتجه حاليا صوب إحراز تقدم في مفاوضات التجارة ينهي التداعيات السلبية المتسعة للحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، لافتين إلى أن التوصل إلى اتفاق قوي ومؤثر ستكون له انعكاسات جيدة على النمو الاقتصادي العالمي وبالتالي على الطلب على النفط.
    قال جون هال مدير شركة "ألفا إنرجي" الدولية للطاقة، "إنه على الرغم من التحديات والمصاعب الجمة في السوق فإن هناك آفاقا إيجابية متفائلة تلوح في القطاع، يتضح ذلك مع متابعة نشاط صناديق التحوط حيث يبدو أنها تراهن على أن النفط لديه مجال للارتفاع، يرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى الحركة الإيجابية المتعلقة بتوقع تطور ملموس في مفاوضات التجارة بين الولايات المتحدة والصين".
    وأضاف أن "التراجع التدريجي عن التعريفات الجمركية الإضافية بين الولايات المتحدة والصين سيسهم إلى حد كبير في تخفيف التوترات الاقتصادية في العام المقبل، بعد أن أدت الخلافات التجارية إلى إلحاق ضرر واسع بالاقتصاد العالمي في الشهور الماضية".
    وأشار إلى أنه من الضروري العمل على إنعاش الطلب في هذه المرحلة لمواكبة نمو واسع في الإمدادات في الفترة المقبلة بقيادة النفط الصخري الأمريكي الذي لم يتباطأ بعد.
    من جانبها، أوضحت نايلا هنجستلر مدير إدارة إفريقيا والشرق الأوسط في الغرفة الفيدرالية النمساوية، أن المخاطر الجيوسياسية في الشرق الأوسط تتصاعد مع استمرار تأزم الملف الإيراني خاصة في ضوء الخروقات التي تمت أخيرا بشأن تخصيب اليورانيوم ومخالفة اتفاق عام 2015 الذي تخارجت منه الولايات المتحدة ما أشعل المخاوف على الإمدادات خاصة مع فرض الولايات المتحدة عقوبات صارمة على إيران.
    وأشارت إلى أن منطقة الشرق الأوسط منطقة حيوية وتحتوي على أكثر من 60 في المائة من الاحتياطات العالمية للنفط الخام، مرجحة أن تظل التوترات في المنطقة مرتفعة وتزيد من مخاطر العرض وهو ما يفرض مزيدا من الأعباء على خطط تعاون المنتجين التي تتم مراجعتها الشهر المقبل خاصة اتفاق خفض الإنتاج للوصول إلى أفضل الصيغ التي تعزز الاستقرار والتوازن في السوق النفطية.
    من ناحيته، قال ماركوس كروج كبير محللي شركة "إيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز، "إن مستوى المخزونات من العوامل الرئيسة المهمة المؤثرة في تحركات أسعار النفط الخام، وهو هدف جوهري لخطة المنتجين لتحقيق توازن السوق من خلال علاج فائض المخزونات وإعادته إلى المستوى المتوسط في خمسة أعوام".
    وأوضح مثال على ذلك أنه "في أواخر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي ارتفعت أسعار النفط 3 في المائة بعد أن أعلنت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية عن انخفاض مفاجئ في مستوى مخزونات الخام الأمريكية إضافة إلى مؤشرات على توجه الإنتاج الأمريكي نحو التقلص، حيث انخفض عدد الحفارات بشكل لافت وهائل مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي بسبب تدني الأسعار وتحفظ البنوك على توفير التمويل اللازم لمشاريع النفط الصخري الأمريكي خاصة للشركات المتوسطة".
    بدوره، قال ديفيد لديسما المحلل في شركة "ساوث كورت" الدولية، "إن إصرار إيران على رفض الشروط الأمريكية لرفع العقوبات ينبئ بتصاعد الصراع في المنطقة خاصة مع ما رصدته وكالة الطاقة الذرية من خروقات إيرانية لضمانات منع الانتشار النووي".
    وأوضح أن العقوبات الأمريكية قد تشتد في الفترة المقبلة وتطول أكثر من صادرات النفط الخام والمكثفات لتشمل الصادرات من موارد الطاقة الأخرى، بحسب مصادر أمريكية رسمية.
    وذكر أن العقوبات مرشحة لمزيد من التشدد في ضوء إصرار كل طرف على عدم تقديم تنازلات وهو ما سيؤدي إلى استمرار التراجع الحاد في الإنتاج الإيراني وتقلص الصادرات وهو ما يخدم خطط تحالف "أوبك+" في تقليص المعروض النفطي، لافتا إلى أن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة خصمت –بحسب التقديرات الدولية الموثوقة- نحو مليوني برميل من مبيعات الخام والمكثفات الإيرانية من السوق، رغم أن بعض المحللين يرجحون استمرار تصدير بعض الكميات بشكل غير شرعي.
    وفيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط أمس، متعافية من خسائر مبكرة بفعل آمال في أن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ربما يشير إلى تقدم في محادثات التجارة مع الصين. بحسب "رويترز"، فإنه بحلول الساعة 06:44 بتوقيت جرينتش، كانت العقود الآجلة لخام برنت مرتفعة 31 سنتا، أو 0.5 في المائة، إلى 62.49 دولار للبرميل، بعد أن كانت قد نزلت إلى 61.90 دولار للبرميل في وقت سابق من أمس. وصعد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 23 سنتا، أو 0.4 في المائة، إلى 57.09 دولار للبرميل، بعد أن كان قد هبط إلى 56.55 دولار للبرميل.
    وتراجعت الأسعار أمس الأول بفعل المخاوف حيال التأثير على طلب النفط من تداعيات الحرب التجارية الأمريكية الصينية الممتدة منذ 16 شهرا، التي ألقت بظلالها على النمو الاقتصادي العالمي.
    وقال ترمب يوم السبت الماضي "إن المحادثات مع الصين تمضي بشكل جيد جدا، لكن الولايات المتحدة لن تبرم اتفاقا إلا إذا كان الأمثل لواشنطن". وقال أيضا "إنه كانت هناك تقارير خاطئة عن عزم الولايات المتحدة رفع الرسوم الجمركية".
    من جانب آخر، ارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 62.26 دولار للبرميل أمس الأول مقابل 61.98 دولار للبرميل في اليوم السابق.

    وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" أمس، "إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول ارتفاع عقب عدة انخفاضات سابقة، كما أن السلة استقرت تقريبا عند قرب مستوى الأسبوع الماضي نفسه الذي سجلت فيه 62 دولارا للبرميل".​​

حقوق التأليف والنشر © غرفة الشرقية